الضمير....من كتاب حوار مع صديقي الملحد
للدكتور. مصطفى محمود
....................
.
قال صاحبي:
انكم تتكلمون عن الضمير في تقديس كما لو كان شيئا مطلقا, مع انه احد المصنوعات الاجتماعية , عملة نحاسية لا اكثر, صكت ودمغت وسبكت في فرن التعاملات الاجتماعية, وهو عندنا شيئ تتغير احكامه وضوابطه وفق المصالح الجارية.. القيمة التي تفيد نقول عنها خيرا, والقيمة التي تضر نقول عنها شرا, ولو كانت هذه القيمة هي العفة التي تتمسكون بها كعيونكم
.
قلت له في هدوء
نعم..هذا هو رأي الفلسفة المادية على ما اسمع .. ان الضمير سلطة زجر و ردع نبتت من الدواعي الاجتماعية..مجرد تحصيل خبرة تتفاوت بين شخص وشخص وبين عصر وعصر وبين امة وامة
هذا كلامكم...
ولكن الحقيقة غير ذلك
.
الحقيقة ان الضمير نور وضعه الله في الفطرة ومؤشر ودليل وبوصلة نولد بها..تهدينا الى الحقائق وكل دور الاكتساب الاجتماعي, انه يجلو مرآة هذه البوصلة ويصقل زجاجها ولنا على ذلك براهين تؤيدنا ونشجب كلامكم
انظر الى عالم الحيوان حيث لامجتمع
.
ترى القطة تتبرز ثم تستدير لتغطي فضلاتها بالتراب, في اي مجتمع قططي تعلمت القطة هذا الوازع؟؟
وكيف ميزت بين القذارة والنظافة؟؟
وانت ترى القطة تسرق السمكة فاذا ضبطتها وهي تسرق وضربتها على رساها طأطأت ونكست بصرها في احساس واضح بالذنب.. وتراها تلهو مع الاطفال في البيت فتكسر (مزهرية) اثناء اللعب..فماذا يحدث؟؟ انها تجري في فزع وتختبئ تحت الكراسي وقد ادركت انها اخطأت
كل هذه شواهد وملامح ضمير
وليس في ممكلة القطط دواع لنشأة هذه المشاعر.. ولانرى حتى مجتمعا قططيا من الاساس
وتقاليد الوفاء الزوجي في طيور الحمام
ونبل الحصان في ارتباطه بصاحبه حتى الموت
وكبرياء الاسد وترفعه عن الهجوم على فريسته من الخلف
وخجل الجمل وتوقفه عن مضاجعة انثاه اذا وجد ان هناك عينا ترقبه
.
ثم تلك الحادثة التي رآها جمهور المشاهدين في السيرك القومي بالقاهرة..حينما قفز الاسد على المدرب محمد الحلو من الخلف وانشب مخالبه في كتفه واصابه بجرح قاتل
وبقية الحادثة يرويها موظفو السيرك..كيف امتنع الاسد عن الطعام.. وحبس نفسه في زنزانة لايبرحها..وكيف نقلوه الى حديقة الحيوان وقدموا له انثى لتروح عنه فضربها وطردها..وظل على صيامه ورفضه للطعام ثم انقض على يده الاثمة وظل يمزقها حتى نزف ومات
حيوان ينتحر ندما وتكفيرا عن جريمته
من اي مجتمع في دنيا السباع اخذ الاسد هذه التقاليد..هل في مجتمع السباع ان افتراس الانسان جريمة تدعو الى الانتحار
نحن هنا امام نبل وخلق وضمير لانجده في بشر
ونحن امام فشل كامل للتفسير المادي وللتصور المادي لحقيقة الضمير
ولا تفسير لما نراه سوى مايقوله الدين
من ان الضمير هو نور وضعه الله في الفطرة, وان كل دور الاكتساب الاجتماعي ان يجلو صدأ النفس فتشف عن هذا النور الالهي
.
.وهذا هو ماحدث بين الاسد ومدربه.. المعاشرة والمحبة والمصاحبة صقلت تلك النفس الحيوانية فايقظت ذلك القبس الرحماني..فاذا بالاسد يحزن ويندم وينتحر كمدا كالبشر
الحلال بين والحرام بين...كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام
استفت قلبك وان افتاك الناس...لسنا في حاجة الى كلية شريعة لنعرف الخطأ من الصواب, والحق من الباطل, والحرام من الحلال..فقد وضع الله في قلب كل منا كلية شريعة..وميزانا لا يخطئ. وكل ما نحن مطالبون به ان نجلو نفوسنا من غواشي المادة ومن كثافة الشهوات. فنبصر ونرى ونعرف وتميز بدون عكاز (الخبرة الاجتماعية) وذلك بنور الله الذي اسمه الضمير
.
الضمير حقيقة ثابتة والقيم الاخلاقية الاساسية هي بالمثل ثابتة فقتل البرئ لن يصبح يوما ما فضيلة, وكذا السرقة والكذب وايذاء الاخرين والفحشاء والفجور والبذاءة والغلظة والقسوة والنفاق والخيانة كل هذه نقائض خلقية, وسوق تظل هكذا الى ان يرث الله ومن عليها
.
وكذلك سوف تظل المحبة والرحمة والصدق والحلم والعفو والاحسان فضائل..ولن تتحول الى جرائم الا اذا فسدت السموات والارض وساد الجنون وانتهى العقل
________________________________________________________
.
.
ضمائر على الارفف
......................
.
اخترت جزء من كتاب د. مصطفى محمود لمناسبته للموضوع....اعتقد ان الدكتور ذكر امثلة متعددة عن الحيوانات عمدا والقصد منها هو كم من الممكن ان تكون بعض الحيوانات افضل من بعض البشر من حيث هذه النقطة؟؟ واذا ماكان من انسانية وتمييز اصبح طبعا للحيوانات بعد معاشرتها للبشر قد يصعب ان يكون في اطباع بعض البشر؟؟ واذا كانت بعض الحيوانات تتميز بهذا الشيئ الغريزي عند احتكاكها بالبشر وبعضها دون ذلك فما بالكم بالانسان الذي فضله الله عن سائر مخلوقاته بالعقل وافضل النعم؟؟
.
غياب الضمير او تغييبه بمعنى اصح في حياتنا احد الاسباب الرئيسية في انحدار المجمعات على كافة المستويات وتحديدا اخلاقيا واجتماعيا...ساتحدث هنا على المستوى الشخصي كفرد من مجتمع اصبح جل اهتمامه الامور المادية و من ابرز اولوياته الى جانب المظاهر والنفاق والزيف الاجتماعي,.. في زمن غيبت فيه مصطلحات من المفترض ان تكون اساسية في بناء الانسان كالمبادئ والاخلاق والحق والصواب والعدل اصبحت مركونة على رف الحياة عند الكثير منا وتستخدم احيانا في بحوث الطلبة او لصياغة نكتة جديدة
.
انتشار الخطأ لا يعني صحته.. وطغيان الظلم لا يعني انه بديل للحق.. والانجراف باستسلام مع التيار السلبي وان كان قوي دون مقاومة ليس مبررا للافعال السلبية... في وقت اصبح فيه الضمير غائبا او مغيبا .. والمبادئ والاخلاق مخدرة بتاثير ماديات الحياة.. و التمييز بين الخطأ والصواب امرا مهمشا امام المصلحة الخاصة ولو على حساب الاخرين والمصلحة العامة ...واصبح للخطأ الف صاحب ومدافع باعذار قبيحة بحجة انها طريق الاغلبية للوصل الى هدف ما وبعذر اخر ان المجتمع يعج بالمخطئين كبار وصغار ولم يمنعهم قانون الدولة او يحاسبهم المسؤولين على اخطائهم لانهم غالبا مثلهم... وكأن الدولة هي مرحلة مؤقتة وستنتهي قريبا لذلك علينا ان ناخذ منها قدر مانستطيع ولو بوسائل غير مشروعة ونسينا انها نفس الارض التي سيعيش عليها ومنها ابنائنا واحفادنا من بعدهم وان مانفعله الان لابد ان يرجع عليهم سلبا او ايجابا ولو بعد حين....في وقت اصبحت فيه الغالبية من الطبقة العليا والمتحكمة فعليا بامور البلد غير مبالية الا بالنهب والتكسب واخذ كل ماطالت ايديهم ولو دون وجه وحق حتى اصبح هذا الامر عاديا في حياتنا جميعا وعلى مستوى المواطن العادي حتى اصبحت السرقة تسمى كسب والنهب دهاء والنصب ذكاء تجاري والظلم قوة واخذ ما ليس لك شطارة و النفاق مجاملات و... و.... و... الى اخره من امور مستحدثة لم نكن نراها او نسمع بها سابقا بهذا الكم والكيف
.
الى متى و الضمائر نائمة او مجمدة في الثلاجة ؟؟...الى متى والعدل مغيب وصوت الحق مهمش؟؟ ..الى متى والخطأ يبرر على انه اكثر صحة من الصواب بحكم الحاجة والضرورة؟؟...الى متى والنفوس المريضة تنقل الوباء الى من حولها؟؟...الى متى يبقى الوضع العام شماعة للسلبيات وارتكاب الاخطاء؟؟....الى متى القاء اللوم على القوانين الضعيفة والرقابة الفاسدة؟؟...اليس نحن من وضعنا القوانين وبايدينا نستطيع ان نغيرها ونعدلها متى ماشئنا ام اننا سعداء بما يحدث حولنا؟؟.. ام ان من بيده تغيير هذه الامور الحساسة لايريد ذلك لان التغيير ضد مصالحه؟؟...الى متى وما من مجيب ؟؟
________________________________________________________
.
كلمات
......
كلمات اعجبتني للشاعر نزار قباني بعنوان القبلة الاولى
.
عامان .. مرا عليها يا مقبلتي
وعطرها لم يزل يجري على شفتي
كأنها الآن .. لم تذهب حلاوتها
ولا يزال شذاها ملء صومعتي
إذ كان شعرك في كفي زوبعة
وكأن ثغرك أحطابي .. وموقدتي
قولي. أأفرغت في ثغري الجحيم وهل
من الهوى أن تكوني أنت محرقتي
لما تصالب ثغرانا بدافئة
لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
تروي الحكايات أن الثغر معصية
حمراء .. إنك قد حببت معصيتي
ويزعم الناس أن الثغر ملعبها
فما لها التهمت عظمي وأوردتي؟
يا طيب قبلتك الأولى .. يرف بها
شذا جبالي .. وغاباتي .. وأوديتي
ويا نبيذية الثغر الصبي .. إذا
ذكرته غرقت بالماء حنجرتي..
ماذا على شفتي السفلى تركت .. وهل
طبعتها في فمي الملهوب .. أم رئتي؟
لم يبق لي منك .. إلا خيط رائحة
يدعوك أن ترجعي للوكر .. سيدتي
ذهبت أنت لغيري .. وهي باقية
نبعا من الوهج .. لم ينشف .. ولم يمت
تركتني جائع الأعصاب .. منفردا
أنا على نهم الميعاد .. فالتفتي.
12 comments:
الفطرة السليمة
تلوثت يا فنكوشي
سبحانه ترك لنا سنسر داخلي
جرس صغير يرن لو احسسنا ان هناك خللا بالميزان
متى ما تعلمنا نسكت هالجرس
تلوثت الفطرة واصبحت الخطوط ملتوية والمبادئ متلونه على حسب الرغبة والمصلحة
وصباحك طيب يارب
رائع رائع رائع
سبقتني و سأستشهد بما كتبت و أضيف عليه
:)
أقتباسات جميلة .. يزاك الله خير
الزين
عدل كلامج
بعضهم فصل الجرس بالمرة
ايامج اطيب :)
حلم جميل
يبدو ان هناك توارد خواطر مرة اخرى
شكرا :)
بلوق عمتي
ليست كلها اقتباسات :)
شكرا للتعليق الاول
نورت :)
انتشار الخطأ لا يعني صحته.. وطغيان الظلم لا يعني انه بديل للحق.. والانجراف باستسلام مع التيار السلبي وان كان قوي دون مقاومة ليس مبررا للافعال السلبية
وقفت هني وايد
المشكلة انهم ما يعترفون بالغلط والخيانة والجريمة
لا ويبررون لها بعد بحجة الكل يسوي جذي، ما وقفت عندنا
مو لو انت وغيرك وغيرك ما فكرتوا بهالطريقة ما كان هذا حال مجتمعنا للأسف
كالعادة،
كلماتك في الصميم
الى متى وما من مجيب ؟؟
ما من مجيب اخذها مني
بوستك ناقصه شي...
برواز
وتعلقه في مكان علشان الكل يقراه ويستوعبه..
لو كل الناس سمعت "هالسنسر" الصغير اللي داخلهم جان احنا بألف خير
يعطيك ألف عافيه وتسلم ايدك على هالبوست
كبرياء وردة
شكرا على التواصل الرائع
تعليق مميز كالعادة :)
انتر
عندك الخبر اليقين دائما
اشكرك على التواصل الجميل :)
كلة انسى
اخجلتونا بالتعليق الجميل
شكرا:)
Post a Comment