فزنا بسعادة الدنيا وفزتم بالأوهام

:قال صاحبي ... وكانت في نبرته فرحة رجل منتصر
مهما اختلفنا ومهما طال بنا الجدل فلا شك اننا خرجنا من معركتنا معكم منتصرين، فقد فزنا بسعادة الدنيا وخرجتم انتم ببضعة اوهام في رؤوسكم..وماذا يجدي الكلام وقد خرجنا من الدنيا بنصيب الاسد..فلنا السهرة والسكرة، والنساء الباهرات والنعيم الباذخ، واللذات التي لايعكرها خوف الحرام..ولكم الصيام والصلاة والتسابيح وخوف الحساب..من الذي ربح؟؟
...
هذا لو كان ماربحتموه هو السعادة..ولكن لو فكرنا معا في هدوء لما وجدنا هذه الصورة التي وصفتها عن السهرة والسكرة والنساء الباهرات والنعيم الباذخ واللذات التي لايعكرها خوف الحرام...لما وحدنا هذه الصورة الا الشقاء بعينه
..
الشقاء وكيف؟؟-
..
لانها في حقيقتها عبودية لغرائز لاتشبع حتى تجوع واذا اتخمتها اصابها الضجر واملال واصابك انت البلادة والخمول...هل تصلح احضان امرأة أن تكون مستقر لسعادة’ والقلوب تتقلب، والهوى لايستقر على حال، والغواني يغرهن الثناء..وما قرأنا في قصص العشاق الا التعاسة فاذا تزوجوا كانت التعاسة اكبر، لان كلا من الطرفين سوف يفتقد في الاخر الى الكمال المعبود الذي كان يتخيله..وبعد قضاء الوطر وفتور الشهوة يرى كل واحد عيوب الاخر بعدسة مكبرة..وهل الثراء الفاحش الا عبودية، اذ يضع الغني نفسه في خدمة امواله وفي خدمة تكثيرها وتجميعها وحراستها فيصبح عبدها بعد ان كانت خادمته..وهل السلطة والجاه الا مزلق الى الغرور والكبر والطغيان..وهل راكب السلطة الا كراكب الاسد يوما هو مأكوله..وهل الخمر والسكر والمخدرات والقمار والعربدة والجنس بعيدا عن العيون وبعيدا عن خوف الحرام سعادة..وهل هي الا انواع من الهروب من العقل والضمير وعطش الروح ومسئولية الانسان بالاغراق في ضرام الشهوة وسعار الرغبات..وهل هو ارتقاء او هبوط لحياة القرود وتسافد البهائم وتناكح السوائم..صدق القران اذ يقول عن الكفار..انهم
(يتمتعون وياكلون كما تاكل الانعام والنار مثوى لهم )..
فهو لم ينكر انهم يتمتعون ولكن كما تتمتع الانعام..وكما ترعى السوائم..وهل هذه سعادة- وهل حياة الشهوة تلك الا سلسلة من الشبق والتوترات والجوع الاكال والتخمة الخانقة التي لاتمت الى السعادة الحقة بسبب..وهل تكون السعادة الحقة الا حالة من السلام والسكينة النفسية والتحرر الروحي من كافة العبوديات كافة..و هل هي في تعريفها النهائي الا (حالة صلح بين الانسان ونفسه وبين الانسان والاخرين وبين الانسان والله)..وهل هذه المصالحة والسلام والامن النفسي لاتتحقق الا بالعمل..بان يضع الانسان قوته وماله وصحته في خدمة الاخرين، وبان يحيا حياة الخير نية وعملا، وان تتصل العلاقة بينه وبين الله صلاة وخشوعا، فيزيده الله سكينة ومددا ونورا..وهل هذه السعادة الا الدين بعينه...الم يقل الصوفي لابس الخرقة: نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف ! والذين عرفوا تلك اللذة..لذة الصلة بالله والصلح مع النفس..يعلمون ان كلام الصوفي على حق
...
قال-الم تكن مثلنا من سنوات تسكر كما نسكر، وتلهو كما نلهو، وتسعد بهذه السعادة الحيوانية التي نسعد بها، وتكتب الكفر بعينه في كتابك (الله والانسان) فتسبق به الحاد الملاحدة..فماذا غيرك من النقيض الى النقيض؟؟
..
لم يكن ما كتبت كفرا..بل تساؤلا..وطريقا من الشك المخلص افضى في النهاية الي الايمان بفضل الله وتوفيقه
...
اعلم انك تقول ان كل شيئ بفضل الله..ولكن ماذا كان دورك وماذا كان سعيك؟؟
..
نظرت حولي فرايت ان الموت ثم التراب نكتة وعبثا وهزلا...ورايت العالم حولي كله محكما دقيقا منضبطا لا مكان فيه للهزل ولا للعبث..ولو كانت حياتي عبثا كما تصور العابثون ونهايتها لا شيئ..لماذا ابكي، ولماذا اندم، ولم اتحرق والتهب شوقا الى الحق والعدل، وافتدي هذه القيم بالدم والحياة
..
رايت النجوم تجري في افلاكها بقانون.. ورايت الحشرات الاجتماعية تتكلم، والنباتات ترى وتسمع وتحس..ورايت الحيوانات لها اخلاق..ورايت المخ البشري عجيبة العجائب يتالف من عشرة الاف مليون خط عصبي تعمل كلها في وقت واحد في كمال معجز..ولو حدث بها عطل هنا او هناك لجاء في اثره الشلل والعمى والخرس والتخليط والهذيان، وهي امور لاتحدث الا استثناء..فما الذي يحفظ لهذه الالة الهائلة سلامتها، ومن الذي زودها بكل تك الكمالات
..
ورايت الجمال في ورقة الشجر ، وريشة الطاووس وجناح الفراشة، وسمعت الموسيقا في صدح البلابل، وشقشقة العصافير، وحيثما وجهت عيني رايت رسم رسام وتصميم مصمم، وابداع يد مبدعة..ورايت الطبيعة بناء محكما متكاملا تستحيل فيه المصادفة والعشوائية..بل كل شيئ يكاد يصرخ..دبرني مدبر..وخلقني مبدع قدير
..
و قرأت القران فكان له في سمعي رنين وايقاع ليس في مالوف اللغة، وكان له في عقلي انبهار..فهو ياتي بالكلمة الاخيرة في كل ما يتعرض له من امور السياسة والاخلاق والتشريع والكون والحياة والنفس والمجتمع برغم تقادم العهد على نزوله اكثر من الف واربعمائة سنة..وهو يوافق كل مايستجد من علوم برغم انه اتى على يد رجل لايقرأ ولا يكتب، في ازمنة متخلفة بعيدة عن نور الحضارات..وقرأت سيرة هذا الرجل وما صنع..فقلت.. بل هو نبي..ولا يمكن ان يكون الا نبيا..ولايمكن لهذا الكون البديع الا ان يكون صنع الله القدير الذي وصفه في القران..و وصف افعاله
..
قال صاحبي- بعد ان اصغى باهتمام الى ما قلت.. وراح يتلمس الثغرة الاخيرة:
فماذا يكون الحال لو اخطأت حساباتك وانتهيت بعد عمر طويل الى موت وتراب ليس بعده شيئ؟
..
لن اكون قد خسرت شيئا فقد عشت حياتي كاعرض واسعد واحفل ماتكون به الحياة..ولكنكم انتم سوف تخسرون كثيرا لو اصابت حساباتي وصدقت توقعاتي..وانها لصادقة..وسوف تكون مفاجئتكم هائلة يا صاحبي
ونظرت في عمق عينيه وانا اتكلم فرأيت لاول مرة بحيرة من الرعب تنداح في كل عين ورايت اجفانه تطرف وتختلج
كانت لحظة عابرة من الرعب..ما لبث ان استعاد بعدها توازنه..ولكنها كانت لحظة كافية لادراك انه بكل غروره وعناده ومكابرته واقف على جرف من الشك والخواء والفراغ وممسك بلا شيئ

..
قال لي بنبرة حاول ان يشحنها باليقين :
سوف ترى ان التراب هو ما ينتظرك وينتظرنا-
هل انت متاكد-
وللمرة الثانية اندلحت في عينيه تلك البحيرة من الرعب..قال وهو يضغط على الحروف وكانما يخشى ان تخونه نبراته
نعم ... -
:قلت
كذبت فهذا امر لايمكن ان نتاكد منه ابدا
وحينما كنت اعود وحدي تلك الليلة بعد حوارنا الطويل كنت اعلم اني قد نكأت في نفسه جرحا..وحفت تحت فلسفته المتهاوية حفرة سوف تتسع على الايام ولن يستطيع منطقه المتهافت ان يردمها
قلت في نفسي وانا ادعو له..لعل هذا الرعب ينجيه..فمن سد على نفسه كل منافذ الحق بعناده لا يبقى له الا الرعب منفذا
وكنت اعلم اني لا املك هدايته...الم يقل الله لنبيه ( انك لاتهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء) ولكني كنت اتمنى له الهداية وادعو له بها، فليش اسوأ من الكفر ذنبا ولا مصيرا
.
.
.
د. مصطفى محمود
حوار مع صديقي الملحد
.
_____________________________________________________
.
كلمات
.....
كلمات اعجبتني للشاعرة روضة الحاج بعنوان اليوم اوقن انني لن احتمل
.

اليوم أوقن أنني لن احتمل !!
اليوم أوقن أن هذا القلب مثقوب ومجروح ومهزوم
وان الصبر كل …
وتحول لجة حزني المقهور .. تكشف سوقها كل الجراح وتستهل
هذا أوان البوح يا كل الجراح تبرجي
ودعي البكاء يجيب كيف وما وهل
زمنا تجنبت التقاءك خيفة .. فأتيت في زمن الوجل
خبأت نبض القلب
كم قاومت
كم كابرت
كم قررت
ثم نكصت عن عهدي .. أجل
ومنعت وجهك في ربوع مدينتي .. علقته
وكتبت محظورا على كل المشارف .. والموانئ .. والمطارات البعيدة كلها
لكنه رغمى اطل ..
في الدور لاح وفى الوجوه وفى الحضور وفى الغياب وبين إيماض المقل
حاصرتني بملامح الوجه الطفولى .. الرجل
أجبرتني حتى تخذتك معجما فتحولت كل القصائد غير قولك فجة
لا تحتمل ..
صادرتنى حتى جعلتك معلما فبغيره لا استدل
والآن يا كل الذين احبهم عمدا أراك تقودني في القفر والطرق الخواء
وترصدا تغتالني .. انظر لكفك ما جنت
وامسح على ثوبي الدماء
أنا كم أخاف عليك من لون الدماء !
...
لو كنت تعرف كيف ترهقني الجراحات القديمة والجديدة
ربما أشفقت من هذا العناء ..
لو كنت تعرف أنني من اوجه الغادين والآتين استرق التبسم
استعيد توازني قسرا ..
أضمك حينما ألقاك في زمن البكاء
لو كنت تعرف أنني احتال للأحزان … أرجئها لديك
واسكت الأشجان حيث تجئ .. اخنق عبرتي بيدي
ما كلفتني هذا الشقاء!!
ولربما استحييت لو أدركت كم أكبو على طول الطريق إليك
كم ألقى من الرهق المذل من العياء ..
ولربما .. ولربما .. ولربما
خطئ أنا
أنى نسيت معالم الطرق التي لا انتهى فيها إليك
خطئ أنا
أنى لك استنفرت ما في القلب ما في الروح منذ طفولتي
وجعلتها وقفا عليك ..
خطئ أنا
أنى على لا شئ قد وقعت لك .. فكتبت
أنت طفولتي .. ومعارفي .. وقصائدي
وجميع أيامي لديك
...
واليوم دعنا نتفق
أنا قد تعبت ..
ولم يعد في القلب ما يكفى الجراح
أنفقت كل الصبر عندك .. والتجلد والتجمل والسماح
أنا ما تركت لمقبل الأيام شيئا إذ ظننتك آخر التطواف في الدنيا
فسرحت المراكب كلها .. وقصصت عن قلبي الجناح
أنا لم اعد أقوى وموعدنا الذي قد كان راح
فاردد إليّ بضاعتي ..
بغي انصرافك لم يزل يدمى جبين تكبري زيفا
يجرعني المرارة والنواح
اليوم دعنا نتفق
لا فرق عندك أن بقيت وان مضيت!
لا فرق عندك أن ضحكنا هكذا - كذبا -
وان وحدي بكيت!
فأنا تركت أحبتي ولديك أحباب وبيت
وأنا هجرت مدينتي واليك - يا بعضي - أتيت
وأنا اعتزلت الناس والدنيا
فما أنفقت لي من اجل أن نبقى؟!!
وماذا قد جنيت ؟؟!!
وأنا وهبتك مهجتي جهرا
فهل سرا نويت؟؟!!!
اليوم دعنا نتفق
دعني أوقع عنك ميثاق الرحيل
مرني بشيء مستحيل
قل لي شروطك كلها .. إلا التي فيها قضيت
إن قلت أو إن لم تقل
أنا قد مضيت … !!!

6 comments:

Q8EL5AIR said...

كما قيل من قبل ( الدنا سجن المؤمن وجنة الكافر ) .. هذا بسبب المفارقة بين النصيب الدنيوي والاخروي المنتظر !!



جميلة جدا جدا جدا المحاورة :)

جدا امتعتنه بالاختيار ..



وتحياتي ..
ويسلمواااااااااااااااااااااا :)

Fankooshy said...

كويت الخير

حياك الله واسعدني مرورك الكريم :)

SHAHAD said...

اليوم دعنا نتفق
لا فرق عندك أن بقيت وان مضيت!
لا فرق عندك أن ضحكنا هكذا - كذبا -
وان وحدي بكيت!
فأنا تركت أحبتي ولديك أحباب وبيت
وأنا هجرت مدينتي واليك - يا بعضي - أتيت
وأنا اعتزلت الناس والدنيا
فما أنفقت لي من اجل أن نبقى؟!!
وماذا قد جنيت ؟؟!!


الكلمااااات خيااالية
ع الجرح حددهاا

Shamla said...

حوار راقي وممتع :)

أبحرت في رقي كلماته..

شكرًا لإنتقاءاتك المتميزة دومًا واختيارك للقصائد جميل وممتع
وهذا ما جذبني إلى مدونتك الراقية :)

دمت بحفظ الله ورعايته..

Fankooshy said...

شيلو

شكرا على التواصل الجميل
والكلام الرائع
مرحب بكم دائما في مدونتكم :)
شكرا

كبرياء وردة said...

مسكين هو ذاك الذي يعيش ليشبع شهواته

لن أصفه بالانسان

فهو بخياره هذا اختيار أن يتشبه بعيشة الحيوانات

Blog Archive

Followers

Love and Peace

Love and Peace

choose your way

choose your way

Kuwait first

Kuwait first

Mowash7at

My Blog List